Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Le Blog de Maxime ADEL
Archives
Catégories
21 février 2021

كلمة محمد علي عبد الجليل في جلسة مناقشة رسالة الدكتوراه: مقارَبة بوليسيمية وترجماتية للقرآن. سورة الحج نموذجًا

                                              

كلمة محمد علي عبد الجليل

في جلسة مناقشة رسالة الدكتوراه:

مقارَبة بوليسيمية وترجماتية للقرآن. سورة الحج نموذجًا

discours_soutenance_the_se_Abdel_Jalil_traduction_arabe 

discours_de_soutenance_de_the_se_de_Mohamed_Ali_Abdel_Jalil____23_11_2017 

 

مناقشة أُطروحة دكتوراه بعنوان:

مقارَبة بوليسيمية وترجماتية للقرآن. سورة الحج (السورة رقم ٢٢) نموذجًا

Approche polysémique et traductologique du Coran. La sourate XXII (Al-Ḥajj [le pèlerinage] comme modèle

 

إعداد: محمد علي عبد الجليل

 

تحت إشراف: البروفسور ريشار جاكمون [Richard Jacquemond]

 

تَـخَـصُّص: عالَم عربي وإسلامي وساميّ

مَدرسة الدكتوراه ٣٥٥: فضاءات وثقافات ومجتمَعات

معهد البحوث والدراسات حول العالَم العربي والإسلامي (الإِرِيـمام)

Institut de Recherches et d’Études sur les Mondes Arabes et Musulmans (IREMAM)

جامعة آيكس-مرسيليا (جنوب فرنسا)

 

الخميس ٢٣ نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٧ الساعة الثانية بعد الظُّهر في قاعة دوبي[salle Duby] في البيت المتوسطي لعلوم الإنسان [MMSH] في مدينة آيكس-أون-پروڤانس (جَنوب فرنسا)

 

لَـجنة المناقَشة:

1-                البروفسور إيريك شومون [Éric CHAUMONT] المكلَّف بالبحوث والمؤهَّل للإشراف على البحوث [أستاذ مُشرِفHDR]، معهد الإِرِيمام [IREMAM] والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي [CNRS] وجامعة آيكس-مرسيليا

2-                البروفسورة لين فرنجية [Lynne FRANJIÉ] الأستاذة في جامعة ليل الثالثة

3-                البروفسور ريشار جاكمون [Richard JACQUEMOND] الأُستاذ في جامعة آيكس-مرسيليا

4-                البروفسور پيير لوري [Pierre LORY] مدير الدراسات في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا [EPHE] في باريس

 

 

 

كلمة الباحث في جلسة الدفاع عن الأطروحة

 

سيِّدي الرئيس،

السيِّدة والسادة أعضاء لجنة التحكيم،

بادئَ ذي بَدء، أوَدُّ أنْ أَشكُـرَكم على التفضُّـل بتقييم عملي المتواضع وعلى السماح لي بالدفاع عن أطروحة الدكتوراه هذه أمامكم. وأَتَـوَجَّه بخالص شكري إلى السيد پيير لوري [Pierre LORY] (مدير الدراسات في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا)، والسيدة لين فرنجية [Lynne FRANJIÉ] (أستاذة الترجمة في جامعة ليل الثالثة) والسيد إريك شومون [Éric CHAUMONT] المكلَّف بالبحوث والأستاذ الـمُشرِف في معهد الإِرِيمام [IREMAM] والمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي [CNRS] وجامعة آيكس-مرسيليا.

وأَوَدُّ بشكل خاص أن أشكرَ المُـشْرِفَ على أطروحتي السيد ريشار جاكمون[1] [Richard JACQUEMOND] للإشراف علَيَّ طوالَ هذه السنوات الخمس من العمل مِن خِلالِ نصائحه القَـيِّـمة وملاحظاتِه ومراجعته اللغوية.

بعد ذلك، أوَدُّ أنْ أُخبِرَكم كيف وُلِدَتْ فِكرةُ الأطروحة الـمُـعَـنْـوَنة: مقارَبة بوليسيمية وترجماتية للقرآن. سورة الحج (السورة رقم ٢٢) نموذجًا.

 

وُلِـدتُ في عائلة تَدين بالعقيدة الإسلامية على الـمَذهب الـسُّـنِّـيّ وفي مجتمع مُتعدِّد الأديان، وبدأتُ في الاختبار الحياتي للإسلام ودراستِهِ ومواجهة تفسير القُرآن منذ نعومة أظفاري. فقدْ شَـهِـدتُ في المسجد وحتَّى ضمن الـمَذهَب الإسلامي الواحد صراعاتٍ بل مشاجراتٍ عقائديةً ولاهوتيةً حول السؤال: «ما هو التفسير الصحيح للقرآن؟» فكان كلُّ رَجُلِ دِينٍ يَدَّعي أنَّ لديه أحسنَ تفسير. وكلُّ جماعة إسلامية، سواء كانت تقليديةً [أُرثوذكسية] [سُـنَّة وشِيعة] أَمْ غيرَ تقليدية، تُـبَـرِّر عقيدتَها بالاستشهاد بالقرآن. فكانت بعضُ التفسيرات غيرَ مُـقْـنِـعةٍ لي من الناحية اللغوية والروحية. ولذلك تركتُ التقليديةَ السُّـنِّـيَّة لأتَعلَّمَ أُصولَ الطريقة الصوفية النقشبندية التي فَـتَـحَتْ عينَيَّ على احتمالات أخرى لفهم نصّهِم المقدَّس. وتعلَّـمتُ على أيديهِم أنَّ هُـناكَ طبقاتٍ دلاليةً عميقةً أخرى "أكثر إقناعًا" تَـحكُم النصَّ. وبعد سنوات قليلة، لَم تَـعُـدْ هذهِ التأويلاتُ الصوفيةُ تُـلَـبِّي مَطلبي الروحي الفردي. ولهذا السببِ اتَّــبَــعتُ مَذاهبَ أُخرى شيعيةً غيرَ تقليديةٍ، ولا سـيَّـما العَـلَـويَّة (أو النُّـصَـيريَّة)، بل اتَّبَعتُ أيضاً مِلَلاً أُخرى غَيرَ إسلاميةٍ (مثل الكاثوليكية والمورمونية والبوذية والثيوصوفية)، مِن أجلِ معرفة المعنى "الحقيقي" للقرآن إِنْ كان هناك بالطبعِ مِن «معنىً حقيقيٍّ» مزعوم.

 

مِن الناحية التفسيرية، وجدتُ النَّـصَّ القُرآنيَّ قابِلاً لتفسيراتٍ لا حَصرَ لها. إِذْ يمكن للمرء أنْ يَـجِـدَ كلَّ شيء في القرآن. ولإعطاء مثال على ذلك، قام أحدُ شيوخ الطريقة النقشبندية بتأويل جُملة «وقَدِّموا لأنفُسِكُم» (البقرة، ٢٢٣) (الّتي تعني: اِفعلوا الخيراتِ) فـفسَّرَها بمداعبات الـجِماع. بينما ظَنَّ محمَّد شحرور أنه أَثبتَ أنَّ آيةَ «نِساؤكم حَرثٌ لكم فأتُوا حَرثَكم أنَّى شئتم وقدِّموا لأنفسِكم» لا تتكلَّم عن النساء بل عن جميع المستجِدَّات التكنولوجية المستقبلية. [كلمة "النساء" مشتقَّة مِن «نَـسَـأَ يَنْسَأُ» بمعنى: «أَخَّـرَ يُـؤَخِّـرُ»، و«الحَـرث»: المَـكسَب.]

 

ومِن الناحية الترجماتية، إنَّ كثيراً مِن المسلمين، تَحتَ تأثيرِ عقدة النقص ونظريةِ المؤامرة وفِكرةِ أنَّ القُرآنَ هو الكلمة الإلهية الّتي لا يمكن ترجمتُها، يقولون إنَّ المترجمين يُـشَـوِّهون القرآن.

 

في خِـضَـمِّ كلِّ هذه الفَوضى، أرَدتُ أنْ أَرَى عَن كَـثَـبٍ ثَراءَ تفسيرات القرآن وإلى أيَّةِ درجةٍ عَـكَـسَ المترجمون هذا الثَّراءَ. أَرَدتُ أنْ أتَـحَـقَّـقَ مِـمَّـا إذا كانت الترجماتُ تُـشَـوِّهُ فِعلاً وبصورة حَـتميَّـة النَّـصَّ القُـرآنيَّ الذي هو بوليسيميّ بامتياز [بوليسيميائي، متعدِّد المعاني، تعدُّدي دلالي، ذُو وُجوهٍ ونَظائرَ] («حَـمَّـالٌ ذو وجوه»، بحسب قولٍ يُنسَبُ إلى الخليفة الرابع علي بن أبي طالب) وأردتُ أنْ أَفـهَـمَ العَلاقةَ بين التفسير والترجمة [النَّقل].

 

إنَّ فرضيتي الّـتي انطلقْتُ منها هي أنَّ الترجمة تُـغَـيِّـرُ وتُـقَـلِّـصُ الخريطةَ البوليسيمية [البوليسيميائية] للنص الأصلي. فـــبُـولِـيسِـيـمِـياءُ القُـرآنِ [«تَـعَـدُّد الـمَعاني»، «الوجوهُ والنظائر» فيهِ] غنيَّةٌ إلى أبعد حَدٍّ مقارَنةً بِـبـولـيسيمياءِ الترجمات، لأنَّ التفسير تطوَّرَ تطوُّراً كبيراً عَبرَ تاريخِ الإسلام رَغمَ الـمُعارَضة الشديدة للسلطات الدينية. فكُتُبُ التُّراثِ تُـخبِرنا أنَّ الخليفة الثاني عُمَر بن الـخَطَّاب عاقبَ صَـبيغـاً بنَ عَسَلٍ لأنّه سألَ عن تفسير الآية الـمُـبـهَـمة [مِن متشابِه القرآن]: «والذَّارياتِ ذَروًا فالحاملاتِ وِقرًا» (سورة الذاريات [السورة ٥١]، الآيتان ١ و٢) [≈ قَسَمًا بالرياح التي تَذرو وبالحاملاتِ (السُّحُب) التي تحمل الأمطارَ الثقيلة.][2]

 

إنَّ بحثي هذا [عن البوليسيمياء في القرآن وفي ترجماتِه الفرنسية] هو استمرار للبحوث السابقة التي أُجرِيَـتْ حَولَ تَرجماتِ القرآن. ولكنَّ البحوث السابقة لا تتعدَّى أنْ تَكونَ ببساطةٍ دراسةَ مقارَنةٍ (لِـسِـتِّ ترجمات على الأكثر) وتحليلاً أسلوبيًا ولُغويًا وكذلك نَقدًا لبعض الترجمات لسورة معيَّنة. وقد كانت تلك الأبحاثُ بالأَحرَى تبريريةً دفاعيةً عن النص القرآني من حيث إنها أَظهَرَت أخطاءَ الترجمات.

 

قليلة هي الأبحاث الترجماتية واللغوية التي تتناول الترجماتِ الفرنسيةَ للقرآن، وتَـتمَحور عموماً حولَ دراسةٍ مُـقارِنةٍ أو دِراسةٍ بوليسيميةٍ [تَدرُس البوليسيمياء، أيْ: الوجوهَ والنَّظائر (تَعَدُّد المعاني)].

 

أ- البحوث الأساسية التي تقوم على دراسة مقارنة وتحليل أسلوبيّ ولُغويّ وكذلك على نَـقدِ بعض الترجمات لسورة معَيَّنة مِن منظورٍ دِفاعيّ تبريري يُـظهِر أخطاءَ المترجِم وترجماتِه العكسيَّة (تفسيراته الخاطئة المعاكِسة contresens) وإضافاته وترجمته الحرفية هي البحوث التالية:

 

١- محمود الشبعان، أين مِن القرآن تراجِـمُ القُرآن؟ (١٩٨٤)، وهو بحثٌ يُـقارِن سِتَّ ترجمات فرنسية للقرآن (وهي ترجماتُ: دونيز ماسون [Denise Masson] وكازيميرسكي [Albert Kazimirski de Biberstein] والصادُق مازيغ [Sadok Mazigh] ومحمد حميد الله الحيدرآبادي [Muhammad Hamidullah] وريجي بلاشير [Régis Blachère] وجان كروجان [چروجان] [Jean Grosjean]) لِـيَـخْـلُـصَ إلى نتيجة مُـفادها أنَّ ترجمةَ هذا النص الـمُقدَّس مستحيلةٌ؛

٢- عبد الله شيخ موسى، «أساليب ومناقشات العَـبرنة[3] الحديثة للقرآن. حولَ ترجمةِ أندريه شوراكي [شوراقي] [André Chouraqui] للقرآن» (١٩٩٥)، وهي دراسة تُـظهِر الأخطاءَ والتفسيراتِ الخاطئةَ الـمُعاكِسةَ والاضطرابات في ترجمة القرآن التي قام بها أندريه شوراكي؛

٣- محمد رجب البيُّومي، إعادة قراءة القرآن الكريم: الدكتور محمد رجب البيومي يردّ على جاك بيرك (١٩٩٩)، وهو كِتاب يُقدِّم أخطاءَ جاك بيرك [Jacques Berque] و«تحريفاتِه» (بين قوسَين) في ترجمته للنص القرآني ويُـظهِر أنَّ بيرك غيرُ قادِرٍ، على ما يبدو، على فَهْم العربية جيّدًا؛

٤- شادية طرابلسي [Chédia TRABELSI]، إشكالية ترجمة القرآن: دراسة مقارنة لأربع ترجمات فرنسية لسورة «النور» [ترجمات: صادُق مازيغ وصلاح الدين كشريد وبلاشير وكازيميرسكي]، (٢٠٠٠)، وهي دراسة تَرى أنَّ المترجِمِينَ قاموا بترجمات تضمُّ أخطاءً في التفسير على نوعين: أخطاء شخصية وأخطاء عامة، لأنهم لم يقرؤوا ما يكفي من تفاسير القرآن، أو لأنهم اكتَـفَـوا بتفسيرات تُـوصف بِـ«الضعيفة».

٥- إبراهيم عَوَض، مِن معارك الاستشراق ضِدَّ المصحف الشريف. ترجمة جاك بيرك للقرآن الكريم بين المادحين والقادحين (٢٠٠٠)، وهو كِتاب يَدرس ترجمة جاك بيرك [Jacques Berque] بمقارَنتها بترجمات كلود-إتيان ساڤاري [Claude-Étienne Savary] وإدوار مونتيه [Édouard Montet] وريجي بلاشير [Régis Blachère] ومحمد حميد الله [Muhammad Hamidullah] وحَمزة بوبكر [Hamza Boubakeur] وصلاح الدين كشريد [Salaheddine Kechrid]، ويُشير الكِتابُ إلى أنَّ الـمُدافِعين عن ترجمة بيرك لم يحاولوا التدليل على رأيهم بأمثلة واكتفَوا بعبارات مديحٍ عامة، بينما يَظهَر أنَّ زينب عبد العزيز قد دَلَّلَت على أطروحتها بتقديم أمثلة دقيقة عن الأخطاء في ترجمة بيرك؛

٦- سعيد اللاوندي، إشكاليات ترجمة معاني القرآن الكريم. محاكمة جاك بيرك (٢٠٠١)، وهو كِتاب يدافع عن ترجمة بيرك ويَدحَض فكرة أنه كان يُـحاول تشويهَ صورة الإسلام؛

٧- فرحات معمري [Ferhat MAMERI]، مفهوم الحَـرْفية في ترجمة القرآن. حالة ثلاث ترجمات (جاك بيرك وأندريه شوراكي والرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية الإسلامية والإفتاء) [رسالة دكتوراه، جامعة منتوري قسنطينة] (٢٠٠٦)، وهي دراسة تتناول الترجمة الـحَرفية وتُـحلّل ترجماتِ بعض أسماء الأعلام والكلمات والمفاهيم مثل: «ذِكْـر» و«فِتنة» وغيرهما؛

٨- نُهى عبد المجيد [Noha ABDEL MÉGUID]، بلاغة النص المترجَم وتفسيرات المعنى. تطبيق على سورة من سُوَر القرآن في ترجـمَـتَـي ريجي بلاشير وجاك بيرك، أطروحة دكتوراه نوقِشَت عامَ ٢٠١١ في جامعة باريس الثالثة السوربون الجديدة وجامعة حلوان، وهي بَحثٌ يَدرُس السِّمات الأسلوبية التي تُـمَـيِّز سورةَ البقرة والأساليب اللغوية المختلفة التي استخدمها كلٌّ من بلاشير وبيرك لإظهار هذه السمات، في محاولة لرؤية الـمَدَى الذي يمكن فيه للمترجمين ترجمة تنوّع الاستراتيجيات البلاغية للسورة المَعنِيَّة.

 

ب- البحث الذي يتناول الجانب البوليسيميّ للقرآن [الوجوهَ والنَّظائر أو تَعَدُّد المعاني] هو أطروحة سفيان الكرجوسلي [Soufian AL KARJOUSLI] بعنوان: La polysémie et le Coran  [البوليسيمياءُ والقُرآن]، (الورشة الوطنية لطباعة الرسائل الجامعية [Atelier national de reproduction des thèses]، رين [Rennes]، ٢٠٠٥)، وفي هذه الأطروحة أكَّـد أنَّ بوليسيمياء القرآن [تعدُّد المعاني في القرآن] هي بوليسيمياء تعسُّفية، غير تطورية، غير توليدية [أو تَوالُديَّة]، غير تراكمية، بمعنى أنه يمكن أنْ نُدخِلَ أو نُـقْـحِـمَ في الحقل الدلالي لكلمة أو متوالية من القرآن معنىً غريبًا ليسَ جُـزءًا من الخط أو التاريخ التطوري للمصطلح المَعنيّ.

 

إنَّ بحثي، بصفتِه دراسةَ مقارَنة، لا يكتفي بثلاث ترجمات أو أربع، بل بِثمانيةَ عشرةَ ترجمةً[4] [للسورة رقم ٢٢، سورة الحج] ولا يقتصر على تحليل لُغَويّ أو أسلوبيّ، بل أيضًا بوليسيميّ [دلالي تعددي يتطرَّق لتعدُّد المعاني أو الوجوه والنظائر] مِن خلال رَصد الحركة البوليسيمية [البوليسيميائية] في كلا الصيغتَينِ: العربية (النَصّ الـمَصدَر أو النص الأصلي) والفرنسية (النَصّ الهَدَف أو النص المترجَم). ويَهدُف إلى إظهارِ كيفَ أنَّ الترجمةَ تُقَـلِّصُ بوليسيمياءَ النَّصِّ الـمَصدَر.

 

في بداية البحث، استخدمتُ تفكيكيةَ جاك دَرِّيدا [Jacques Derrida] كأداة تحليلية من خلال مفهومَيْ «الإرجاء» [أو «الاختلاف التأجيلي»] [différance] و«الانتشار» [dissémination]. فيما بَعدُ، تَـبَـدَّى لي أنَّ ذاك البحثَ كادَ يَنحرِفُ نَحوَ دِراسةٍ فلسفية ولِسانيَّة وليس دراسة ترجماتية. علاوةً على ذلك، يبدو أنَّ التفكيكية التي تُـواجِهُ صعوباتٍ في التطبيق لا تَخدِمُ فَـرَضيَّـة بحثي التي تقوم على مقارَنةٍ بوليسيميةٍ بين النص الـمَصدَر [العَربي] والنص الهدَف [الفرنسي]. فَـتَـخَـلَّـيـتُ عن التفكيكية لأُكَـرِّسَ نفسي لـمُجَرَّد تحليل مقارن تقليدي للترجمات باستخدام مقارَبة أنطوان بيرمان [Antoine Berman] (سأتطرَّق إليها).

 

في الجُزء الأول مِن البحثِ، قُمتُ أيضًا بتحليل العلاقة بين التفسير والترجمة، ثمَّ أوضحتُ كيفَ فَهِمَ المسلمون السورةَ الثانية والعشرين [سورة الحج]. فَعَرَضتُ كلَّ التفسيرات السُّـنِّـيَّـة والشيعية والصوفية وغيرِ التقليدية (الأحمدية والعلوية والدُّرزيَّة) التي تَـمَـكَّـنْتُ مِن العُثور عليها. وقد واجَهْتُ صعوبةً في العثور على مَراجِعَ تفسيريةٍ غَيرِ تقليدية. فباستثناء الأحمديين، لا يَنشُـر العَلَويون ولا الدُّروز عقائدَهم الباطنية. فكان علَيَّ إذًا أنْ أَرجِعَ إلى مَراجِع كَـتَبَها خصومُهم كابن تيمية (في مجموع الفتاوى) والشهرستاني (في المِلَل والنِّـحَل) أو كَتَبَها باحثون مِثل جوزيف قَـزِّي [أبو موسى الحريري] وهاشم عثمان فيما يَـخُصّ العَلَويين، ومحمد خليل الباشا فيما يخصّ الدروز. تَـمَـكَّـنْتُ أيضًا مِن العثور على بعض تفسيرات متناثرة في أعمال مختلفة كَتَبَها دُروزٌ وعَلَويون.

 

ووجدتُ أنَّ البوليسيمياء [البوليسيمية، تعدُّد المعاني، الوجوه والنظائر] تَحدُث على مستوى الضمائر والكلمات والجُمَل. فقُمتُ في الجزء الثاني بتحليل كيفية ترجمة المترجمين لهذا النص الغَنيّ. فضِـمْـنَ نَوعَيْ البوليسيمياءِ: ١)-الـمُفرَداتيةِ (المُعجَميةِ) [polysémie lexicale]، ٢)-والعباراتيةِ (التعبيريةِ) [polysémie des énoncés]، وَضَعتُ تصنيفًا آخَـرَ فميَّـزتُ أيضًا عِدّةَ أنواع فرعية. ففي البوليسيمياء الـمُفرَداتية، مَـيَّـزتُ بين الكلماتِ العامة والألفاظ الغريبة (مَفاريد الألفاظ أو الألفاظ الفَرائد) [hapax] وأسماء الله. وفي البوليسيمياء العِباراتية في الترجمات، ميّزتُ بينَ البوليسيمياءِ المتعلِّقةِ بقَلبِ ترتيبِ الكلماتِ في الجُملةِ (التقديم والتأخير) [anastrophe] والبوليسيمياءِ المُتعلّقةِ بالحذف وعلامات الترقيم والبوليسيمياءِ المتعلّقةِ بالتشكيل (مثل تشكيل الفعل المبني للمجهول والفعل المبني للمعلوم) والبوليسيمياءِ المُتعلّقة بمفاهيمَ معيَّنةٍ مِـثلِ «البعث» و«المكتوب» والبوليسيمياءِ المُتعلّقةِ بظروف الوحي أو التنزيل (أسباب النزول) والبوليسيمياءِ المُتعلّقة بالصُّوَر المحلّية العامية والبوليسيمياءِ المُتعلّقة بجوانب أيديولوجية (كالسُّلطة والعَلمانية). وهذه الأخيرة لا تزال بحاجة إلى دراسة مُعَمَّقة.

 

ووَجَدتُ مِن اللازم أنْ أُظهِرَ أين تتلاقى الترجماتُ وأينَ تتباعد لأَصِلَ إلى ملاحظةٍ مُفادُها أنَّ الضِّدَّينِ يَلتَقيانِ [نظرية حَدوة الفَرَس][5] [الترجمةُ الناقدةُ والترجمةُ المُـدافِعةُ تَـتشابهانِ].

 

ولإظهار التغييراتِ التي أجراها المترجمون [في ترجماتهم الفرنسية للقُرآن]، لَجأتُ إلى مقاربة أنطوان بيرمان[6] [Antoine Berman] عن الاتِّجاهات [الثلاثة عشر] المُـشَـوِّهة [بكسر الواو] للترجمة[7] والتي عَرَضها في كِتابِه الـمُعَنون: La traduction et la lettre ou l’Auberge du lointain [الترجمة والـحَرف أو نُزُل البعيد]، منشورات لو سوي [le Seuil]، باريس، ١٩٩٩.

 

النتيجة: أُوافِقُ [الكاهن] موريس بورمانس[8] [Maurice Borrmans] و[الباحثة] كريستيان ديترليه[9] [Christiane Dieterlé] على فكرةِ أنَّ الترجمات تتكامَل. وأُضيفُ أنَّ جميع ترجمات القرآن (التي تتطوَّر أيضًا في فَضاءٍ مُغلَقٍ وبِصورةٍ مُستقِـلَّةٍ عن التفاسير) لَم تَستَطِعْ أنْ تَعكِسَ الثَّراءَ البوليسيميائيّ [التعدُّدي الدَّلالي] للنص العربي للقرآن وتُـقدِّم تغييرًا طفيفًا على النص الأصلي. إنَّ عَدَمَ قُدرةِ الترجمات على إظهار الثَّراء البوليسيميائي للقرآن لا يُعزَى إلى الطابع البلاغيِّ والمقدَّسِ للنَّـصِّ القرآنيّ العربيّ. فهذهِ الظاهرةُ مرتبطةٌ بكل النصوص، وفي أية ترجمة هناك كَسبٌ وضَياعٌ [أو فُقدان].

 

وتظل مسألةُ ترجمةِ القرآن حَسَّاسةً. انطلاقًا مِن فكرةِ عَدمِ وجودِ ترجمةٍ صحيحةٍ وترجمةٍ خاطئةٍ ومِن فكرةِ أنَّ أَيَّةَ ترجمةٍ هي مقبولةٌ شرعاً، لَـعَـلَّ مِن المُهِمِّ دراسةَ تأثيرِ الوِسطِ الاجتماعي السياسي على اختيارات المترجمين مِن جِهةٍ ودِراسةَ تأثيرِ الترجمات على قُـرَّائها مِن جِهةٍ أُخرى.

 

لقد ذَكَرتُ في الأُطروحة الفَرَضيَّةَ التي طَرَحَها الباحثُ والكاهنُ اللبناني الأبُ جوزيف قَـزِّي (أبو موسى الحريري) [المولود عام ١٩٣٧] والتي تقول بأنَّ القرآن العربي هو على الأرجح ثمرة ترجمةٍ بتَصَرُّف. لقد حاولَ قَـزّي في كِتابه: قِـسّ ونَـبيّ، نحوَ مَصادِرِ القرآنِ (الصادر عام ٢٠٠١) أنْ يُـثْـبِـتَ أنَّ القرآنَ هو قراءةٌ عَربية للإنجيل. لم تَـكُنْ هذه المسألةُ متعلِّقةً ببحثي تعلُّقًا مباشِرًا، ولذلك لَم أَخُـضْ فيها كثيرًا ولكنْ خلالَ مَسارِ البحثِ وَصلتُ إلى قناعةِ أنه رُبَّما مِن المُفيدِ الـخَوضُ فيها أكثرَ، مِن خِلالِ الجَمعِ بينَ إنجازاتِ ومقارباتِ الإسلامياتِ ونظريةِ الترجمة [الترجماتية].

 

أَشكُرُكُم على اهتمامِكم.



[1] البروفسور ريشار جاكمون [Richard JACQUEMOND] هو مُستعرِب فرنسي ومُترجِم وأُستاذ متخصِّص في الأدب العربي الحديث في قسم دراسات الشرق الأوسط [DEMO] في جامعة آيكس-مرسيليا وباحث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي (الإِرِيمام) [IREMAM] (البيت المتوسطي لعلوم الإنسان [MMSH] في آيكس-أون-پروڤانس)، وهو مدير الإِريمام منذ عام ٢٠١٨. وُلِدَ عام ١٩٥٨ في سانت إِتيان [Saint-Étienne] (إقليم اللوار [la Loire]). وحصلَ على الدكتوراه عام ١٩٩٩ على أُطروحة بعنوان: بين كَتَبَةٍ وكُتَّاب: الحقل الأدبي في مصر المعاصرة [Entre scribes et écrivains. Le champ littéraire dans l’Égypte contemporaine]. عَمِلَ أكثر من خمسة عشر عامًا في مِصرَ وأَلَّفَ العديد من المنشورات العلمية حول الإبداع الأدبي العربي المعاصر وكذلك حول أعمال الترجمة من العربية وإليها. وقد تَرجمَ أيضًا إلى الفرنسية العديدَ من المؤلَّفات (رواياتٍ وقصصًا قصيرة ًوديوانَ شِعرٍ) لمؤلِّفين، مصريين على وجه الخصوص، ولا سيَّما صنع الله إبراهيم. (راجِع: «لقاء مع ريشار جاكمون عن الترجمة والاستشراق: المترجم بين التبعية والاستقلالية» على الرابط: http://maaber.50megs.com/issue_november12/spotlights3.htm و«حوار مع ريشار جاكمون: ماذا نترجم إلى العربية؟» على الرابط: http://maaber.50megs.com/issue_july19/spotlights1_a.htm، وصفحته في موقع الإِرِيمام: https://iremam.cnrs.fr/spip.php?article45.

[2] جاء في سُـنَـن الدارمي (ج١، ص ٥٤) وفي كَـنز العُـمَّال (ج٢، ص ٣٣١) وفي الدُّرّ المنثور (ج٢، ص ٧) وغيرها أن رجلاً يقال له «صَبيغٌ» قَدِمَ المدينة فجعلَ يسأل عن متشابِه القرآن، فأرسلَ إليه عُمَر وقد أعدَّ له عَراجينَ النخل فقال: «من أنت؟» قال: «أنا عبد الله صبيغ». فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه وقال: «أنا عبد الله عمر». فجعل له ضربًا حتى دمي رأسه. فقال: «يا أمير المؤمنين! حَسبُك قد ذَهَبَ الذي كنتُ أجِد في رأسي».

[3] العَـبرنة: إضفاء صِبغة عِبرية على شيء أو استخدام عبارات عِبرية أو دراسة شيء من منظور عِبري.

 [4] الترجمات التي تناولَتْها الأُطروحة:

1.André Du Ryer (1647)

١- أندريه دي ريير (١٦٤٧)

2.Claude-Étienne Savary (1782)

٢- كلود-إتيان ساڤاري (١٧٨٢)

3.Kazimirski (1840)

٣- كازيميرسكي (١٨٤٠)

4.Régis Blachère (1949)

٤- ريجي بلاشير (١٩٤٩)

5.Ameur Ghédira (1957)

٥- عَـمَّار غَديرة (١٩٥٧) [لَم تَحظَ بالانتشار ولَم تُصَنَّف سوى في مكتبة ليون البلدية]

6.Muhammad Hamidullah (1959) (traduction accompagnée du texte arabe à gauche)

٦- محمد حميد الله (١٩٥٩) (الترجمة مرفَقة بالنص العربي على اليسار)

7.Noureddine Ben Mahmoud (1962) (traduction accompagnée du texte arabe à gauche)

٧- نور الدين بن محمود (١٩٦٢) (الترجمة مرفَقة بالنص العربي على اليسار)

8.Denise Masson (1967) (traduction accompagnée du texte arabe à droite)

٨- دينيز ماسون (١٩٦٧) (الترجمة مرفَقة بالنص العربي على اليمين)

9.Jean Grosjean (1972 ; 1979)

٩- جان كروجان [گروجان] (١٩٧٢ و١٩٧٩)

10.Jacques Berque (1990) (traduction qui a suscité une polémique)

١٠- جاك بيرك (١٩٩٠) (ترجمة أثارت جدلاً)

11.André Chouraqui (1990) (traduction dépaysante controversée réalisée par le biais de l’hébreu)

١١- أندريه شوراقي (١٩٩٠) (ترجمة مُغَرِّبة [غريبة] مثيرة للجدل أُنـجِزَتْ من خلال المرور بالجذور العِبرية) [لَم تَحظَ بالانتشار بل بالاستهجان]

12.Ahmed Guessous (1999 et 2000) (traduction rimée)

١٢- أحمد جِسُّوس (١٩٩٩ و٢٠٠٠) (ترجمة مقفَّاة تُظهِر الإيقاع الترتيلي للقرآن) [لَم تَحظَ بالانتشار]

13.Mohammed Chiadmi (1999) (traduction apologétique accompagnée du texte arabe à droite)

١٣- محمد شياظمي (١٩٩٩) (ترجمة دفاعية [تبريرية] مرفقة بالنص العربي على اليمين)

14.Le Complexe du Roi Fahd à Médine (2001) [ou 1985]

١٤- مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم (٢٠٠١) [أو ١٩٨٥] [ترجمة مستندة لترجمة محمد حميد الله]

15.Zeinab Abdelaziz (2002, 2009 & 2014)

١٥- زينب عبد العزيز (٢٠٠٢ و٢٠٠٩ و٢٠١٤) [ترجمة دِفاعية]

16.Sami Awad Aldeeb Abu-Sahlieh (2008) (traduction accompagnée du texte arabe, en deux colonnes, traduction réalisée à partir de la confrontation des autres traductions)

١٦- سامي الذيب أبو ساحلية (٢٠٠٨) (ترجمة مرفقة بالنص العربي، على عمودين، ترجمة أُنجِزَت انطلاقًا من مقابلة بعض الترجمات.)

17.Malek Chebel (2009)

١٧- مالك شبل (٢٠٠٩)

18.Hachemi Hafiane (2010) (traduction accompagnée du texte arabe à droite)

١٨- هاشمي حفيان (٢٠١٠) (ترجمة مرفَقة بالنص العربي على اليمين)

 

[5] في الفلسفة السياسية، نظرية «حَدوة الفَـرَس» [théorie du « fer à cheval » (« horseshoe theory »)] تفترض أنَّ أقصى اليسار وأقصى اليمين يتشابهان ويتقاربان كما يقترب طَرَفُ حَدوة الحِصان من الطرف الآخر، بدلاً من أنْ يكونا على طرفي نقيض. النظرية تُنسب إلى الكاتب الفرنسي جان-پيير فاي [Jean-Pierre Faye] (المولود عام ١٩٢٥). (Jean-Pierre Faye, Le siècle des idéologies, Armand Colin, 1996, Pocket, 2002, Paris.)

[6] أنطوان بيرمان [Antoine Berman] (١٩٤٢ - ١٩٩١): ناقد أدبي ومترجم وفيلسوف فرنسي.

[7] الاتِّجاهات الثلاثة عشر المُـشَـوِّهة للترجمة بحسب أنطوان بيرمان:

Les tendances déformantes de la traduction chez Antoine Berman :

(Berman, Antoine, La traduction et la lettre ou l’auberge du lointain, Éditions du Seuil, Paris, 1999. p. 52 sqq.)

الاتِّجاهات المُـشَـوِّهة للترجمة عند أنطوان بيرمان:

(بيرمان، أنطوان، الترجمة والـحَرف أو نُزُل البعيد، منشورات لو سوي، باريس، ١٩٩٩، ص ٥٢ وما بعدَها)

1-La rationalisation

1- التبرير [العقلنة]

2-La clarification

2 - الإيضاح

3-L’allongement

3- الإطالة

4-L’ennoblissement et la vulgarisation

4- التفخيم [التشريف] والتعميم

5-L’appauvrissement qualitatif

5- الإفقار النوعي

6-L’appauvrissement quantitatif

6- الإفقار الكَـمّي

7-L’homogénéisation

7- التجانُس

8-La destruction des rythmes

8- تدمير الإيقاعات

9-La destruction des réseaux signifiants sous-jacents

9- تدمير الشبكات الدالَّة الكامنة

10-La destruction des systématismes textuels

10- تدمير المنهجيات النصية

11-La destruction (ou l’exotisation) des réseaux langagiers vernaculaires

11- تدمير (أو تغريب) الشبكات اللَّهجاتية المَحلِّـية

12-La destruction des locutions et idiotismes

12 - تدمير التعابير والعبارات الاصطلاحية

13-L’effacement des superpositions de langues

13- محو التراكُبات اللغوية

 

[8] موريس بورمانس [Maurice Borrmans] (١٩٢٥ – ٢٠١٧) كاهن كاثوليكي من جمعية الآباء البيض [M.Afr] وعالِم إسلاميات فرنسي. حاصل على الدكتوراه في الآداب من جامعة السوربون عام ١٩٧١. عاش عشرين عاماً في الجزائر وتونس وعمل أستاذًا للغة والقانون الإسلامي والروحانية عند المسلمين في المعهد الحَبري للدراسات العربية والإسلامية في روما خلال الأعوام ١٩٦٤ و١٩٨٤.

[9] كريستيانا ديترليه [Christiane Dieterlé] (١٩٣٧ -): باحثة في اللاهوت والكتاب المقدَّس عمِلَت في فِرَق ترجمة الكِتاب المقدَّس في أفريقيا وفرنسا تحت رعاية الاتحاد العالمي لجمعيات الكتاب المقدس (Alliance Biblique Universelle).

Publicité
Commentaires
Le Blog de Maxime ADEL
Publicité
Newsletter
Le Blog de Maxime ADEL
Visiteurs
Depuis la création 13 627
Publicité